رقم قياسي: 2023 الأكثر حرارة على مر التاريخ

شهد عام 2023 ارتفاعا قياسيا في مستويات درجات الحرارة، مع ما شهده العالم من حروب وكوارث طبيعية كالجفاف الشديد والحرائق الغابوية والزلازل والأعاصير العارمة. خلَّفت وراءها خسائر في الأرواح والموارد الطبيعية وانتشار الأمراض والجوع والفقر وآثارا من الدمار واليأس.

الأعوام التسعة الماضية هي الأعوام الأعلى حرارة

وتُظهِر بيانات صادرة عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن الأعوام التسعة الماضية من 2015 إلى 2023 هي الأعوام الأعلى حرارة، ومن المرجح أن تواصل الحرارة ارتفاعها في عام 2024 بسبب ظاهرة النينيو التي تتزامن بشكل عام مع ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الجفاف في بعض أنحاء العالم وأمطار غزيرة بمناطق أخرى، وبالتالي من المتوقع أن تظهر آثارها عام 2024.

ومن جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، عبارة مرعبة وهي أن عصر الاحتباس الحراري انتهى وبدأ عهد الغليان الحراري العالمي، ودق ناقوس الخطر بشأن التأثير السلبي الكبير للتغيرات المناخية على حياة البشر في مختلف دول العالم.

وأضاف: “لقد رأينا هذا العام مجتمعات في جميع أنحاء العالم عصفت بها الحرائق والفيضانات ودرجات الحرارة الحارقة، وهذا الارتفاع القياسي في درجات الحرارة عالمياً ينبغي أن يكون ناقوس خطر يقض مضاجع قادة العالم”.

وأثرت الحرارة الشديدة في أجزاء كثيرة من العالم، أبرزها جنوب أوروبا وشمال إفريقيا، خصوصاً في النصف الثاني من شهر يوليو/تموز، إذ وصلت إلى مستويات قياسية في إيطاليا (48.2 درجة مئوية)، وأغادير المغربية (50.4 درجة مئوية) وتونس العاصمة (49 درجة مئوية)، والجزائر العاصمة (49.2 درجة مئوية).

ارتفاع مستوى سطح البحر يهدد العالم

تعتبر المحيطات خزانًا واسعًا ومهمًا يدعم تنوع الحياة، ومنظما حيويا للمناخ؛ حيث تمتص الحرارة وتخزن وفرة من ثاني أكسيد الكربون وتنتج نصف كمية الأكسجين لكوكب الأرض.

يؤدي ارتفاع درجة حرارة المحيط إلى تسريع وثيرة ذوبان الأنهار الجليدية في المناطق القطبية، ما يعني قدرة أقل على امتصاص ثاني أكسيد الكربون ثم اختراق لليابسة بشكل كبير، وبالتالي ارتفاع مستوى سطح البحر مما يتسبب في اضطراب النباتات والكائنات البحرية كالأسماك والحيتان أثناء تحركها بحثا عن مياه أكثر برودة، ما يؤثر على السلسلة الغذائية كما يحذر الخبراء من أن المخزون السمكي قد يتأثر.

وحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ارتفع المتوسط العالمي لدرجة الحرارة بالقرب من السطح عام 2023 (حتى أكتوبر/تشرين الأول) بنحو 1.40 درجة مئوية عن درجة الحرارة المرجعية في عصر ما قبل الثورة الصناعية (1850–1900)، فيما ارتفعت درجات حرارة سطح البحر إلى مستويات قياسية في الشهور من أبريل/نيسان حتى سبتمبر/أيلول، وتظهر البيانات أيضاً ارتفاع مستوى سطح البحر في عام 2023 إلى مستوى قياسي يعكس استمرار ارتفاع درجة حرارة المحيطات، وكذلك ذوبان الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية.

تشير المنظمة إلى انحسار مساحة الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق منذ 1979 حتى الوقت الحاضر، وسجَّلت مساحة الجليد مستوى قياسياً منخفضاً في يونيو/حزيران والشهور التي تليه، حيث شهدت الأنهار الجليدية في أمريكا الشمالية وأوروبا موسم ذوبان شديد، وفقدت الأنهار الجليدية في سويسرا خلال العامين الماضيين ما يقرب من 10 في المائة من حجمها المتبقي.

جبل جليدي يطفو في خليج ديسكو، بالقرب من إيلوليسات، جرينلاند، في 24 يوليو 2015. تتساقط الطبقة الجليدية الضخمة في جرينلاند حوالي 300 جيجا طن من الجليد سنويًا في المحيط، مما يجعلها أكبر مصدر منفرد لارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة ذوبان الجليد. ائتمانات: ناسا / ساسكيا مادلينر

 

مؤشر الأداء المناخي لسنة 2024: المغرب يحتل المركز الأول عربيا وافريقيا

وفق تقرير مؤشر الأداء المناخي لسنة 2024 احتل المغرب الرتبة السادسة عالميا من بين 63 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وهما مسؤولان معًا عن 90٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، تم تصنيفها حسب 14 مؤشرًا، ووفقًا لأربع فئات (الطاقات المتجددة، وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، واستخدام الطاقة والسياسة المناخية).


أكد التقرير أن المغرب حقق تصنيفات متوسطة في كل من الطاقة المتجددة وسياسة المناخ، بينما حصل على تصنيف مرتفع في انبعاثات الغازات الدفيئة واستخدام الطاقة، بينما لا يزال الوقود الأحفوري يشكل غالبية استهلاك الطاقة في البلاد.

تجدر الإشارة إلى أن المغرب عرف تقدمًا اقتصاديًا كبيرًا خلال العقود الأخيرة، وذلك بفضل تطور مجموعة من القطاعات السوسيو-اقتصادية الحيوية وخصوصا قطاعات الفلاحة والصناعة والصيد البحري والتنمية الحضرية والسياحة وكذا البنيات التحتية الأمر الذي أدى إلى بعض الانعكاسات السلبية على البيئة.


وهذا ما يؤكده التقرير من خلال انتقاد خبراء الدولة في CCPI خطط الحكومة لاستكشاف احتياطيات النفط والغاز المحلية حيث يشيرون إلى أن أسعار جميع أشكال الطاقة لا تزال مرتفعة وأن الطاقة الشمسية غير مدعومة.

وأوضح التقرير أن القطاع الفلاحي، باعتباره أحد أكبر القطاعات في المغرب، يتطلب تحولا عادلا، على سبيل المثال، لا يتم تنظيم زراعة الأنواع كثيفة الاستهلاك للمياه (الحمضيات، البطيخ والخيار والأفوكادو)، وضخ المياه الجوفية، واستخدام مضخات الديزل بالإضافة إلى ذلك تتسبب إزالة الغابات في المناطق الجبلية إلى تعريض التربة للتآكل، مما يؤدي إلى الفيضانات وتدمير البنية التحتية، ويفضي في نهاية المطاف إلى الإضرار بالنظم البيئية الطبيعية.

ووفقا لما جاء في التقرير، على الرغم من المجهودات الجبارة التي بذلتها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في الحفاظ على المياه وحماية البيئة في جميع برامجها في العقود الأخيرة فإن النتائج المتحصل عليها مازالت غير مرضية.

ومع ذلك، أهل هذا التصنيف المرتبة الأولى للمغرب إفريقيا وعربيا والمرتبة السادسة بعد الدنمارك وأستونيا والفلبين والهند، كما أن المغرب هذه السنة تفوق على دولتي السويد (الرتبة الثانية) وشيلي (الرتبة الثالثة) في مؤشر العمل المناخي السنة الماضية. وذلك بفضل مساهمته المحددة وطنيا والتي تعتبر من بين أكثر المساهمات طموحًا على المستوى الدولي نظرا لتماشيها مع أهداف اتفاق باريس حول المناخ خاصة تلك المتعلقة بخفض الاحترار المناخي تحت أقل من 1.5 درجة مئوية، بالإضافة إلى المجهودات المبذولة في إطار الاستراتيجية الوطنية للطاقة خاصة في مجال تنمية الطاقات المتجددة والنظيفة.

يطمح المغرب إلى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 45.5% بحلول عام 2030، حيث أعدت الدولة استراتيجية وطنية على المدى البعيد في أفق 2050 لتنمية منخفضة الكربون، وفقا لمقتضيات اتفاق باريس، من أجل توجيه وتخطيط السياسات والتدابير اللازمة للمساهمة في تحقيق أهداف الاتفاق.

يُشار إلى أن هذا التقرير أعدته المنظمات غير الحكومية “جيرمان ووتش”، والشبكة الدولية للعمل المناخي ومعهد المناخ الألماني الجديد.

 

 

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)