احتفال سنوي ذو طابع روحي ورمزية كبيرة.. لماذا تحتفل سلا بموكب الشموع؟

أبدى أطفال مدينة سلا فرحهم واستعداهم التلقائي للاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف الأمر الذي يفرح جميع المغاربة مع تنوع واختلاف في الاحتفال حسب التنوع الثقافي والجغرافي للمغرب.

يتجه الأطفال صوب الصفوف الأمامية للاحتفال وهم يرتدون عباءات وجلابيب أبدع الخياط المغربي في حياكتها، بوجوه بريئة تملأها الفرحة والسرور يحملون ألواحا خشبية تقليدية تزينها آيات قرآنية كتبت بالحبر وهي طريقة يعتمدها المغاربة في حفظ القرآن.

يتقدمون الموكب مع شرفاء المدينة يرددون ابتهالات في حب الرسول الكريم، بابتسامة مشرقة يحيون الجمهور الذي يتابع الموكب بحب وفخر واعتزاز بهذا الموروث الأصيل للمدينة الذي يشهد على التنوع الثقافي الذي تزخر به المملكة المغربية الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ. هكذا يتشبث السلاويون بتقاليد وعادات توارثتها الأجيال عن الآباء والأجداد عن السلف الصالح.

مراسم الاحتفال

ينطلق موكب الشموع أو دور الشمع، بعد صلاة العصر من السوق الكبير قرب دار صانع الشموع، يتقدمه الشرفاء وأتباع الزاوية الحسونية ثم الأشخاص الذين يحملون مجسمات مزخرفة بالشموع التي يصل وزن بعضها إلى 50 كيلوغراماً.

على نغمات عيساوة وكناوة، وعلى وقع إيقاعات الطبول والابتهالات الصوفية يجولون في أهم شوارع المدينة إلى ساحة الشهداء ثم دار الشرفاء حيث ضريح ابن حسون الذي يقام به حفل ليلي صوفي تتخلله حلقات للمديح والسماع وتستمر الاحتفالات على هذا النحو لأسبوع كامل.

تاريخ موكب الشموع

وتقول الدراسات التاريخية بأن فكرة الموكب ترجع إلى حقبة السلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي الذي اقتبس الفكرة، خلال زيارته إلى إسطنبول قبل توليه السلطنة، حيث أعجب بالحفلات التي كانت تنظم بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف خاصة منها استعراض الشموع.

عاهد السلطان السعدي نفسه آنذاك بتطبيق موكب شبيه بما رآه لدى العثمانيين، وهو ما كان عندما تربع على العرش بعد معركة (وادي المخازن) حيث استدعى صناع فاس ومراكش قصد صنع هذه الهياكل الشمعية، ليجري الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف على هذه الطريقة سنة 986 هجرية (1578) ميلادية.

دأبت المدينة على تنظيم هذا الاحتفال سنويا، وذلك يوما قبل ذكرى المولد النبوي الشريف في الشهر الثالث من التقويم الهجري (شهر ربيع الأول)، تحت إشراف العالم سيدي عبد الله بنحسون الذي كلفه بذلك السلطان منصور الذهبي، ومنذ ذلك الحين الزاوية الحسونية متشبثة بهذا التراث تتوارثه أبا عن جد وتبدع في تنظيم هذا الاحتفال خاصة أنه تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

  1. amal :

    لا زالت ذكريات دور الشمع في بالي إلى يومنا هذا فعلا مدينة سلا تبدع في هذا الاحتفال الذي يسعد له الصغير قبل الكبير.. شكرا لكم بديرة طيبة فمدينة سلا في أمس الحاجة لازالة الغبار عنها وإصلاح مايمكن إصلاحه..

    1