أنور خليل يكتب: المواطن الهوكاوي

الرابعة صباحا، يستيقظ الهواري كعادته مفعما بالحيوية والنشاط، يوقظ زوجتة حفصة لتخبره بحاجيات المنزل من أكل وشرب وأشياء أخرى، فتنهض حفصة بسرعة الضوء في اتجاه المطبخ، وتفتح ثلاجتها لتجد الدجاج ماكانش، والحليب ماكانش، واللحم ماكانش، وماكانش حتى هو ماكانش، وتعود إلى غرفة نومها لتجد السي الهواري مرتديا لباسه الرياضي ويقوم بحركات لا رياضية ليستعد للخروج من المنزل فتخبره بكل احتياجاتها، يحمل الهواري قفته المقلوبة عليه وعلى كل المواطنين الهوكاويين أمثاله ويخرج قبل أذان الفجر للتبضع.

يقف الهواري أمام منزله منتظرا أن تأتي سيدته الحلوة، عفوا أن تأتي حافلة النقل العمومي، فتأتي الحافلة حافلة بأشباهه من الرجال والنساء الخارجين في السحور لشراء الفطور. يصل الهواري أولا عند بائع الحليب ويأخذ مكانه في طابور أطول من مسلسل سامحيني حتى السابعة صباحا ليحصل على شكارة حليب الذي هو في الأصل كل شيء تتخيلونه إلا الحليب، فيحس بالفخر والانتصار على تحقيقه لهاته النتيجة الإيجابية في بداية يومه.

يغادر الهواري لينطلق في رحلته الثانية بحثا عن الدجاج أو «الجاج» كما ينادونه بالعامية الهوكاوية، و«الجاج» يا أعزاني هو المطلوب رقم واحد في هاته الدولة الغنية بالغاز والبترول والفقيرة إلى الجاج، فالهواري لا يجده لا بالطابور ولا بالوسيطة ولا حتى بالاحتلام في المنام، فيغضب كثيرا ويقصد الجزار ليجد له حلا فوريا، يصل المسكين عند الجزار فيجد حارس أمن يناوله ورقة الانتظار فيقف مرة أخرى في طابور، هذه المرة أطول من مسلسل أين أبي؟ ـ الذي تجري أحداثه في هاته الأثناء بمنزل الهواري بعد استيقاظ أبنائه من النومـ.

بعد سويعات يصل عند الجزاار فيرحب به الجزار دون أن يقول له آش حب الخاطر؟، لأن اللي حب الخاطر «ماكانش» مع الأسف. يسأل الهواري الجزار عن ثمن الجاج فيطلق الأخير ضحكة نسمعها نحن في الرباط ويخبره بأن «الجاج» ليس له ثمن وقد أصبح يباع في المحلات الكبرى لبيع السيارات الجديدة وغير الموجودة أصلا في دولة هوكيستان، وأن عليه الاقتراض من البنك لينعم بفخذ يقيم عليه سهرة المساء رفقة حفصة والأبناء، وبما ان السي الهواري ليس له إمكانيات يكتفي فقط بأرجل الدجاج التي أصبحت تباع للمواطن في السوبير مارشيات الكبرى ـ غير الموجودة هي الأخرى في دولة هوكيستان ــ.

يحمل الهواري الحليب وأرجل الدجاج ويقصد أبناك العدس واللوبية والبطاطا، فينظر إلى طوابيرها الممتدة على مساحة ستون كيلومترا، فيطلب من أحد أصدقائه الذي ينتظر فرصة لشراء نصف كيلوغرام من العدس منذ الأسبوع الماضي أن «يمسك» له مكانا ريثما تصل «نوبته» في الأسبوع المقبل ليحصل هو الآخر على حقه من العدس، وهكذا تسير الأمور، فكل مواطن يمسك «نوبة» الآخر ويتبادل المواطنون «النوبة» فيما بينهم من أجل العيش الكريم، لكن في الغالب يكون النظام الحاكم أكثر واحد يستفيد من هاته «النوبة» مع الشعب الهوكاوي» الشقيق».

الكاتب الساخر: أنوار خليل

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)