المغرب: السلامة الطرقية أولوية وطنية
يكتسي اليوم الوطني للسلامة الطرقية، أهمية خاصة نظرا للأولوية القصوى التي يُولِيها المغرب لملف السلامة الطرقية، للوقوف عند حصيلة المجهودات المبذولة لمكافحة هذه الآفة، سواء على صعيد التحسيس بمخاطر الطريق، أو على صعيد برامج السلامة الطرقية، والذي يخلد في 18 فبراير من كل سنة.
وتفيد الأرقام الصادرة عن المديرية العامة للأمن الوطني حول مؤشرات السلامة الطرقية برسم سنة 2023 بوقوع 85 ألفا و475 حادثة سير بدنية في المجال الحضري بالمغرب، مقابل 80 ألفا و91 حادثة مماثلة خلال سنة 2022، أي بنسبة ارتفاع في حدود 7 بالمائة.
وينعكس عدد هذه الحوادث بشكل مباشر على الحصيلة الإجمالية لضحايا حوادث السير، التي سجلت 993 قتيلا خلال السنة الجارية، مقابل 834 قتيلا خلال نفس الفترة من سنة 2022، و4413 مصابا بجروح خطيرة و111.478 مصابا بجروح خفيفة.
أكد وزير النقل واللوجيستيك، محمد عبد الجليل، يوم الاثنين 19 فبراير 2023 بالرباط، خلال ترؤسه ندوة دولية حول موضوع “الممارسات الفضلى: مصدر استلهام لتطوير الاستراتيجيات الوطنية للسلامة الطرقية”، تنظمها الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية بتعاون مع منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للسلامة الطرقية، إنه “رغم المكاسب المهمة التي تم تحقيقها على مختلف المستويات خلال عقدين، لا يزال رهان خفض مؤشرات حوادث السير يحتم التفكير في آليات مبتكرة”.
الأطفال أكثر عرضة لحوادث الطرق المميتة
ويظهر أحدث تقرير لمنظمة الصحة العالمية، حالة السلامة الطرقية لعام 2023 “أن حوادث الطرق لا تزال تشكل أزمة صحية عالمية مستمرة، لأن المشاة وراكبي الدراجات وغيرهم من مستخدمي الطرق المعرضين للحوادث يواجهون، على نحو مقلق ومتزايد، خطر التعرض للوفاة.”
أوضحت المنظمة أن “العدد السنوي للوفيات الناجمة عن حوادث المرور، انخفض انخفاضاً طفيفاً إلى 1.19 مليون حالة وفاة سنويا. ومع ذلك، ونظرا إلى تسجيل أكثر من حالتي وفاة في الدقيقة وأكثر من 3200 حالة وفاة في اليوم، تظل حوادث المرور على الطرق، القاتل الرئيسي للأطفال والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و29 عاما.”
تُظهر البيانات والحقائق الواردة في هذا التقرير أنه على الرغم من إحراز تقدم ملحوظ، لا تزال السلامة على الطرق مشكلة عالمية ملحّة مما يتطلب تعبئة جماعية قوية من أجل مواجهة العواقب الوخيمة لحوادث الطرق مع ضمان تنفيذ التزامات أقوى من الحكومات في جميع أنحاء العالم.
المغرب يراهن على مضاعفة الجهود لوقف نزيف الطرق
وفيما يخص الجهود المبذولة لمواجهة العواقب الوخيمة لحوادث الطرق بالمغرب، عملت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (نارسا) على تنفيذ العديد من المشاريع، ولاسيما تعزيز السلامة الطرقية على المستويين الجهوي والمحلي، واعتماد برنامج جديد من أجل تجديد حظيرة الحافلات والشاحنات المخصصة لنقل البضائع.
في إطار تعزيز السلامة الطرقية، واصلت الوكالة وضع برنامج وطني للمعاينة والمراقبة الآلية للطرق واستخدام أجهزة ومعدات متطورة، مثل أجهزة الرادار من الجيل الجديد التي تتميز بخصائص تقنية ووظيفية متطورة تمكّنها، علاوة على رصد مخالفات السرعة القانونية، من رصد مخالفات تجاوز الضوء الأحمر وتجاوز الخط المتصل والسير في الاتجاه الممنوع ، بالإضافة إلى القدرة على ضبط المخالفات في اتجاهي الطريق والتمييز بين عربات الوزن الخفيف والوزن الثقيل بخصوص السرعة المسموح بها لكل فئة.
علاوة على ذلك، تعطي (نارسا) أهمية خاصة لتطوير نظام فحص رخص السياقة وإدراج التربية على الطرق في البرامج التعليمية والأنشطة الموازية لفائدة الأطفال والشباب، ومواصلة تنفيذ برنامج “المدرسة الآمنة” لتأمين السلامة الطرقية بمحيط المؤسسات التعليمية.
وحرصت الوكالة، أيضا، على استكمال ورش تحسين سلامة المركبات، والبنية التحتية والتجديد المستمر لأسطول النقل على الطرق، بالإضافة إلى إنشاء محطات إسعاف للقرب تهدف إلى تحسين الاستجابة للمسالك الطرقية المصنفة عالية الخطورة.
وضمن سياق تعزيز السلامة المرورية، تم يوم الاثنين 19 فبراير 2024 بالرباط توقيع اتفاقيتي شراكة بين الوكالة (نارسا) ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، تهمان وضع برامج للتكوين مخصصة لمدربي تعليم السياقة.
تهدف الاتفاقية الأولى إلى تفعيل تكوين تأهيلي لمدربي تعليم السياقة وتحديد شروط وصيغ تنفيذه، فيما تهم الاتفاقية الثانية تحديد شروط وصيغ التكوين المستمر لمدربي تعليم السياقة بهدف تجديد أو توسيع الفئات المعنية بالترخيص لمزاولة مهنة مدربي تعليم السياقة.
واصلت المديرية العامة للأمن الوطني تعزيز شراكتها المؤسساتية مع الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، والتي شملت تنفيذ مجموعة من البرامج الاستراتيجية في مجال الوقاية والتوعية من حوادث السير.
وتهم هذه الشراكة، على الخصوص، تزويد فرق السير والجولان بمعدات لوجستية وأخرى للمراقبة الطرقية، وإنجاز وتعميم صيغة محينة ومنقحة من دليل المراقبة الطرقية لفائدة أعوان وموظفي الشرطة، لضمان التكوين الممنهج والتطبيق السليم للمقتضيات ذات الصلة بالسلامة المرورية.
حوادث المرور خطر على الإنسانية جمعاء
أضحت حوادث المرور تشكل خطرا كبيرا على الإنسانية جمعاء، فكل البلدان تعاني من هذه الآفة المعاصرة معاناة حقيقية، بما تزهقه من أرواح بريئة. وما تسببه من مآسي اجتماعية فاجعة. وبما تخلفه من خسائر مادية جسيمة، تشكل نزيفا خطيرا في اقتصاديات الأفراد والبلدان عامة. وإذا كانت البلدان المتطورة قد تفطنت لهذا الخطر الداهم، ورسمت سياسات وقائية شاملة، واعتمدت استراتيجيات فعالة للتصدي له، فان البلدان النامية، والفقيرة منها خاصة، لا تزال تكابد من ويلات هذه الآفة التي تتفاقم باستمرار عندها، لعدم اتخاذ التدابير اللازمة للحد من تزايد تدهور أوضاع السلامة في طرقها.
مضاعفة الجهود لوقف آفة حوادث الطرق
ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الأرقام المثيرة للقلق، لا تزال هناك فرصة لعكس هذا الوضع، والتغلب على آفة حوادث الطرق التي تشكل خطرا كبيرا على الإنسانية جمعاء، فكل البلدان تعاني من هذه الآفة المعاصرة معاناة حقيقية، بما تزهقه من أرواح بريئة، وما تسببه من مآسي اجتماعية فاجعة، وبما تخلفه من خسائر مادية جسيمة.
تتطلب مكافحة حوادث السير، اتخاذ إجراءات جريئة بالشراكة مع المنظمات الدولية والحكومات وقطاع الأعمال والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية. وفي هذا الصدد، تعمل الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية نارسا بصفتها عُضواً في منظمة التحالف العالمي للمنظمات غير الحكومية للسلامة الطرقية، ونظرا للأولوية القصوى التي يُولِيها المغرب لملف السلامة الطرقية، بشراكة مع جميع المتدخلين، إلى جانب مختلف التدابير والحملات التوعوية المستمرة، كي يتم تحقيق نتائج إيجابية تخفف من ثقل حوادث السير وتنقذ المزيد من الأرواح.