تشير “يونسكو” إلى أن مستمعي الراديو يفوقون مشاهدي التلفزيون ومستخدمي الهواتف الذكية، وتشير إحصائيات راديوميتري المغرب أنه خلال السنة الماضية، وفقط في الفترة الممتدة بين يونيو وشهر غشت 2023، باستثناء شهر رمضان، فإن مدة الاستماع اليومي للمحطات الإذاعية المغربية، بلغت معدل ساعتين و55 دقيقة، خلال أيام الأسبوع وساعتين و57 دقيقة في عطلة نهاية الأسبوع.
نفس المؤسسة أشارت إلى أنه خلال نفس الفترة، بلغت نسب الاستماع إلى الإذاعات المغربية في متوسطها 52.5% من المغاربة الذين تزيد أعمارهم عن 11 عاما وأكثر (أي 14.829 مليون مستمع).
مناسبة هذا الكلام هو حلول اليوم العالمي للإذاعات، الذي بصادف 13 فبراير من كل سنة، وهو مناسبة مهمة تحتفل بها العديد من البلدان حول العالم، ويعتبر فرصة للتأمل في دور الإذاعة في المجتمع وتقدير قوتها وتأثيرها. فالإذاعة ليست مجرد وسيلة لنقل الأخبار والمعلومات، بل هي أداة قوية للتواصل والتأثير الاجتماعي، ووسيلة تثقيفية مازال في العديد من البلدان تؤدي دورها بفعالية.
في الإعلام المحلي، الإذاعة تعتبر عصبًا حيويًا في الحياة اليومية للناس، فهي تقدم محتوى متنوعًا يلبي احتياجات الجمهور، سواء كانت أخبارًا محلية، ترفيه، ثقافة، رياضة أو برامج متنوعة، وبفضل التقنيات الحديثة، أصبحت الإذاعة تصل إلى جميع الفئات العمرية والمجتمعات، مما يعزز دورها كوسيلة فعالة لنقل المعلومات وتشجيع الحوار والتفاعل الاجتماعي.
سنة 2019، كنت في مهمة عمل إلى عدد من الدول الإفريقية، ولاحظت العدد الكبير للإذاعات المحلية في المدن، فمدينة مثل أبوجا عاصمة نيجيربا، تضم أكثر من عشر إذاعات محلية، ولها جمهور كبير، وطرحت على نفسي التساؤل، لماذا لا تكون لدينا في المغرب إذاعات محدودة البث، تخص المدن، وتتوجه إلى ساكنة معينة؟ بإمكان هذا أن يملئ فراغا كبيرا ويشكل حلقة تواصل مهمة، ولم لا، تكون دليلا للتعرف على خدمات المؤسسات العمومية والتواصل المباشر مع الناس؟
وجود إذاعة محلية لكل مدينة، أمر له مزاياه العديدة. أولاً وقبل كل شيء، تعتبر الإذاعة المحلية صوتًا للمجتمع المحلي، حيث تعكس احتياجاته واهتماماته وتعزز الانتماء المحلي والهوية الثقافية. كما أنها تسمح للمجتمع بالتواصل والتفاعل فيما بينه، وتعزز التضامن الاجتماعي والتعاون.
ثانيًا، توفر الإذاعة المحلية منصة للتعبير عن الآراء والأفكار المحلية، وتعزز الحوار والنقاش البناء حول القضايا المحلية والوطنية والعالمية. ومن خلال برامجها المتنوعة، يمكن للإذاعة المحلية دعم الابتكار والإبداع المحلي، وتشجيع المواهب الشابة في مجالات مختلفة مثل الأدب والفن والموسيقى.
وأخيرًا، تسهم الإذاعة المحلية في تعزيز التنمية المستدامة وتعزيز السياحة المحلية، حيث تعرض الثقافة والتراث المحليين وتشجع على زيارة المعالم السياحية والمناسبات الثقافية في المدينة.
باختصار، فإن وجود إذاعة محلية لكل مدينة يعتبر ضرورة ملحة لتعزيز التواصل والتفاعل الاجتماعي، ودعم التنمية المحلية وتعزيز الهوية الثقافية والانتماء المحلي. وفي يوم الإذاعة العالمي، يجب علينا أن نقدر دور الإذاعة في بناء مجتمعات أكثر تلاحمًا وتضامنًا، ونعمل على تعزيزها ودعمها لتحقيق الأهداف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للمجتمعات المحلية.
ومدينة مليونية مثل سلا، تستحق أن تكون لها إذاعة تعبر عنها، وتنقل هويتها العريقة عبر الأثير.